كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الخميس، 16 يونيو 2011

فكروني - أم كلثوم - عبد الوهاب

فكروني - أم كلثوم
مقام نهاوند 1966
ألحان محمد عبد الوهاب
كلمات عبد الوهاب محمد
في هذه الأغنية يقدم عبد الوهاب موسيقى جديدة تماما فى المقدمة الموسيقية نغما وإيقاعا يلعب فيها الجيتار الكهربائي دورا رئيسيا في الحوار بين الأوركسترا والآلات الرئيسية الأخرى خاصة القانون والأكورديون والناي، وقدم نوعا جديدا من الأداء المزدوج لمقطع يتوقع السامع أن يكون عزفا منفردا، لكنك تسمع صوتي الأكورديون والناي معا في عرض جديد كأنهما آلة واحدة، وقد سبق له تقديمه لأول مرة في أغنية أمل حياتي
يلاحظ أن المقدمة تتكون من مقطعين أساسيين، الأول من مقام النهاوند وهو مقام المينير الغربي، وفيه يتألق الجيتار بعزف منفرد يقترب كثيرا من الأداء الغربي الحديث للآلة في موسيقى البوب والجاز بينما في المقطع الثاني تتحول الموسيقى إلى مقام الراست الشرقي تمهيدا للغناء الذي يبدأ وينتهى به المذهب

الكوبليه الأول في فكروني يذكرنا في لازمته الموسيقية بأغنية عبد الوهاب الشهيرة "علشان الشوك اللي في الورد باحب الورد" ويأتي الغناء فيه تقليديا إلى حد ما، لكن الكوبليه الثاني يحمل معه مفاجأة كبرى، وهي استحضار أحد المقامات غير الشائعة ليكون أساس اللازمة الموسيقية والغناء أيضا. والحقيقة أن عبد الوهاب قد وفق تماما فى اختيار هذا المقام الشجي لملاءمته لجو الكلمات، لكنه صنع منه نسيجا موسيقيا اتسم بقدر كبير من الحداثة. هذا المقام غير المطروق وهو مقام "نوا أثر" استخدمه سيد درويش في أحد أدواره العشرة وهو دور"عواطفك"، لكنه لم يسمع كثيرا بعد ذلك

في الكوبليه الثالث يقدم عبد الوهاب مفاجأتين جديدتين، الأولى عندما أدخل الأوركسترا  بتدرج متسارع عقب سولو الكمان الهادئ التأملي على مقام الحجاز الحزين إلى ذروة إيقاعية تتوقف فجأة ليخرج منها صوت أم كلثوم كأنه أحد الآلات المتناغمة في الأوركسترا وليس صوتا بشريا تقليديا ينتظر منه الجمهور الطرب والسلطنة 
وقد أمعن عبد الوهاب في إخضاع صوت أم كلثوم للموسيقى عامدا إلى معاملته كأحد عناصر العمل وليس سيده، واستخدم كلمة "آه" الممتدة من خارج النص المكتوب ليستطيع أداء التصور الذي دار بخياله. وهو وقد أفلح في ذلك إلى حد بعيد إلا أنه لم يبتعد أكثر من تلك الآه عن الجو الذي يطلبه الجمهور، فعاد بسرعة إلى تقليدية الغناء وإلى درجة اقترابه كثيرا من الموال الذي كان يبدعه عبد الوهاب مطربا في العشرينات والثلاثينات 
بعد مقطع غنائي تشابه كثيرا مع الكوبليه الثالث الناجح في "إنت عمري" والمشهور بجملة " يا أغلى من أيامي" يقدم عبد الوهاب مفاجأة أخيرة في لحن "فكروني" 

كانت المفاجأة الأخيرة في انقلاب لحن الختام إلى مقام الكورد على نفس درجة ركوز المقام الرئيسي "النهاوند" وانتهاء اللحن به خلافا للمعهود أي إنهاء اللحن بنفس المقام الذي بدأ به، وقد أثار هذا المنحى جدلا كبيرا وقتها بين الموسيقيين والملحنين إلى درجة أن بعضهم اتهمه بمخالفة القواعد الموسيقية ..! 

والحقيقة أن هناك قواعد للموسيقى كعلم لا يجب مخالفتها، لكن التلحين كإبداع خيالي لا يمكن أن يتقيد بقواعد صارمة، وإنما تظل المسألة داخل حدود العرف أو الخروج عن العرف لا أكثر، وعبد الوهاب هنا خالف العرف ولم يخالف قاعدة موسيقية علمية 
ثم إنه قد فعل ذلك قبلها بعشرات السنين حين أنهى مثلا أغنيته الشهيرة "أهون عليك" من قالب المونولوج بمقام مختلف وفي درجة مختلفة (يمكنك مراجعة أهون عليك - تحليل موسيقي لمتابعة التفاصيل) وفي ألحان أخرى كثيرة
لنستمع معا إلى لحن "فكروني" المليء بالمفاجآت وهو الأسلوب الذي فضله الجمهور وانتظره من عبد الوهاب وانتقل به ومعه من التقليدية إلى الحداثة ومن الرتابة إلى التشويق مثيرا رياحا كثيرة في طريق التغيير والتطوير مع الحفاظ على أصالة الموسيقى العربية وجوها الشرقي الجميل د.أسامة عفيفي سلسلة ألحان عبد الوهاب لأم كلثوم 
أم كلثوم - فكروني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق