كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الجمعة، 9 سبتمبر 2011

سيد درويش - لحن الوصوليين - أوركسترا الإسكندرية

لحن الوصوليين . عشان ما نعلا
ألحان سيد درويش . كلمات بديع خيري
أوبريت العشرة الطيبة 1920
أوركسترا الإسكندرية 2011 
توزيع وقيادة أوركسترا د.أسامة عفيفي

نقدم هنا لحن الوصوليين الشهير في صورة جديدة هي الأولى من نوعها ، وهو من أهم ألحان سيد درويش المسرحية إن لم يكن أهمها على الإطلاق
الجديد في هذا التقديم هو إعادة توزيع اللحن لإظهار التآلفات الصوتية الهارمونية بالصورة التي أشار إلى وجودها نقاد كثيرون لكنها لم تر النور بعد تقديم اللحن على المسرح عام 1920 فى وجود سيد درويش ، أى تحويله من الصوت الواحد Monophonic إلى الأصوات المتعددة Polyphonic ، فقد أعيد تقدم الأوبريت أكثر من مرة لكن بصور مختلفة ، عادة أبسط من اللحن الأصلي ، أولها وأهمها كان من خلال أوركسترا الإذاعة المصرية عام 1958 بقيادة الموسيقار محمد حسن الشجاعي ، ثم وعلى مسرح سيد درويش بالإسكندرية في السبعينات بقيادة الموسيقار محمد عفيفي وفي دار الأوبرا عام 1992 بقيادة الموسيقار مصطفى ناجي فى الاحتفال بالمئوية الميلادية لسيد درويش
قدمنا في مناسبة سابقة تحليلا موسيقيا مفصلا لهذا اللحن على موقع كلاسيكيات الموسيقى العربية تعرضنا فيه لمعضلة الأداء البوليفوني (تعدد الأصوات المتآلفة في نفس الوقت ) الذي تعددت مصادر الحديث عن وجوده رغم عدم إمكانية الاستماع له ، واقتصرت كل تجارب إعادة التقديم على تتابع الأصوات الزمني دون تداخلها
استلزم العرض الذي نقدمه اليوم جهدا خاصا في تحليل النص واللحن إيمانا بأهمية الوصول إلى هيئة اللحن الأصلي كما أراده الملحن ، باعتباره نقلة نوعية كبيرة في أصول التلحين المسرحي كان يمكن أن تدفع الموسيقى العربية إلى نهضة كبرى لم تتحقق للآن .. ونأمل الآن أن يعيد التوزيع الجديد الهارمونيات المفقودة إلى اللحن الأصلي كما نأمل أن تعيد فرق التراث أداءها لهذا للحن المتميز بحيث تظهر التداخلات الصوتية المتآلفة خاصة أن هناك فرقا هائلا بين الصورتين
ويجب هنا الإشارة إلى أن التوزيع الأساسي المقدم في هذا العرض ليس توزيعا حرا تماما ، بمعنى أنه ليس بالكامل من ابتكار الموزع أو يمكن وضع غيره بواسطة موزع آخر ، وإنما هو استقراء لتوزيع وضعه الملحن بنفسه لم يتم تنفيذه كما وضع ، ومن أهم المنتقدين للصورة التي تم بها إخراج العمل بعد سيد درويش أعضاء أسرة سيد درويش من المهتمين بتراثه ، وهم يذكرون دائما أن اللحن الأصلي احتوى تآلفات هارمونية لم ترد في العروض اللاحقة
يمكن متابعة التحليل الموسيقي للحن الوصوليين على هذا الرابط:
لحن الوصوليين - تحليل موسيقي

وكما قلنا في أكثر من مناسبة ، نحن لا نطالب بعودة فن سيد درويش للحياة فهو فن حي رغم أنوف كثيرة ، ولا نطالب الناس بالاستماع إلى فن قديم ، فهو قد سبق عصره بمراحل ، بل سبق عصرنا هذا الهزيل ، وإنما نطالب بعودة سيادة القيم الفنية الراقية والفن الرفيع على الساحة الفنية والاجتماعية والسياسية أيضا ، فإن أهم ما قدمه سيد درويش هو قيمة افتقدت قبله وافتقدت بعده وهي حرية التعبير ، أليس هذا هو مطلب الجماهير الآن في كل مكان ، بل أليس هذا بعينه هو السمة الأساسية لكل المجتمعات المتحضرة؟!
يظهر هذا اللحن البعد التعبيري في أقوى صورة ، فالنص فيه انتقاد صريح ولاذع للحاكم وحاشيته لكن اللحن يعطيه أبعادا تجسد الصورة الساخرة التي يتحدث عنها النص

فكرة النص
واللحن الذى سمي بلحن الوصوليين يتحدث نصا عن جماعة من بلاط الحاكم تتحدث عن مبدئها الوصولي في الحياة وأن سبيلها لإحراز المناصب والجاه والعلو فى الحياة هو التودد لحاكم وطاعته المطلقة مهما كانت أوامره ولو وصلت إلى درجة الذل والانحطاط. ومع اعترافهم بهذيان الوالي وتخريفه يقررون عدم الالتفات مطلقا لذلك حفاظا على مصالحهم ، وأنه بالعكس كلما زاد النفاق والخنوع كلما زادت فرص النجاح أمامهم ضاربين بذلك عرض الحائط بكل القيم الإنسانية الرفيعة
تنبع فكرة النص الغنائي للشاعر بديع خيري من الفكرة العامة للأوبريت للكاتب محمد تيمور، وفي حين يترك النص المسرحي ما يتعلق بفكرة انتقاد الحاكم وفساد سلطته للاستقاء من الأحداث والشخوص، يتولى النص الغنائي العرض المختزل المباشر لهذه الفكرة وعلى لسان الحاشية الفاسدة نفسها في قالب كوميدي ساخر، مستغلا خلو النص المسرحي تقريبا من حديث الحاشية مع نفسها، وهي فكرة أصيلة للعبقري بديع خيري

النص الكامل
عشان ما نعلا ونعلا ونعلا … لازم نطاطي نطاطي نطاطي
بسلامته الوالي ابو زعيزع … مهجص باشا دقن تعيتع
وغرامه تمللي قال ايه … نترصص دايما حواليه
نروح واقفين زنهار … زي القط والفار
تلقاه دايما منفوخ نفشرله … طاخ طيخ طوخ

الرك على حبة بولوتيكه … وذمة كاوتشوك خربانة
ما دام الأمير ذمته أنتيكه … لازم الرعية تكون وحلانة

حذر فذر ياواد انت بعقلك … بعد الحنشصة دي اللى انت عليها
ياهل ترى الدنيا دي حتروق لك … وتشوف ماشاف قراقوش فيها
تعرفش المسألة ايه … عرنوس متعفرت ليه
بالحق سلامات سلامات … ايش حال الافوات
محاسيبك … يا خى سيبك

اول شرط نطاطي البصلة … لسيدنا الوالي ونستعبط له
مهما تسمعوا تهجيص … اعملوا روحكم بلاليص
مهما نسمع تهجيص … نعمل روحنا بلاليص
عشان ما نعلا ونعلا ونعلا … لازم نطاطي نطاطي نطاطي

وبهذا اللحن بالذات تحددت ذروة العمل الفني كله أي الأوبريت ، فقد أخرج القصة من مضمونها الحكوي إلى الإسقاط الرمزي
بالتالى أصبح على الملحن تركيز شحنة هائلة في النص الغنائي تساهم في إظهار المضمون الذي ترمز له القصة
ولا شك أن كلا من بديع خيري وسيد درويش قد نجحا في مهمتهما إلى أقصى حد ، وبفضلهما اشتهرت العشرة الطيبة
يبقى أن هذا اللحن من ألحان الأوبريتات التي أمكن لها الاستقلال عن العمل المسرحي

يعد لحن الوصوليين من أعظم ألحان سيد درويش لعدة أسباب:
1. تمثيل المدرسة التعبيرية في التلحين
2. بساطة اللحن
3. جماعية الأداء الغنائي
4. تأكيد الموسيقى الشعرية واللفظية
5. استخدام الأسلوب المسرحي
6. استخدام التيمات الشعبية
7. معالجة موضوع غير تقليدي
8. قابلية اللحن للتوزيع الهارموني

وكما جاء في عرض سابق للبناء الدرامي في لحن الوصوليين ، فإن من يستمع إلى لحن (عشان ما نعلا) يدرك مباشرة أن الجمل الموسيقية هي من مستوى حكمة التعبير اللغوي والموقف النفسي، ولا يجب أن تكون دون ذلك. ومن الواضح أن سيد درويش كان يؤمن بما يلحنه أولا، أي أنه لم يكن يصنع الألحان للتطريب المزاجي وإنما يهدف إلى نفس غاية المؤلف او الشاعر ويريد أن تصل الفكرة إلى الناس في أوضح صورة ممكنة
في غناء المجموعات على المسرح ألبس سيد درويش كل دور ما يناسبه في الموقف الدرامي بحيث بعد عن التطريب التقليدي وجعل حركات المجموعة تعبر تماما عن موقفها ولوّن في أدائها وإيقاعاتها بحيث يتفق ما تغنيه مع ما يقوله الحوار 
ولحن الوصوليين "عشان ما نعلا ونعلا ونعلا .. لازم نطاطي نطاطي نطاطي" خير مثال على ذلك ، واللحن هنا لا يقتفي الكلمات فحسب وإنما يلبسها أفضل ما يمكن من تعبير إلى أدق التفاصيل .. ففي كلمة " نعلا " الأولى قفز من الدرجة الأساسية إلى الثالثة ، ثم إلى الخامسة في الثانية ثم إلى جواب السلم وقمته في الثالثة وهي قمة العلو .. ثم يتراجع اللحن في التعبير عن "نطاطي" (أي نهبط وننكس الرؤوس) هابطا من الخامسة إلى الثالثة ثم إلى الدرجة الأساسية ثم إلى قرار الخامسة إمعانا في بيان الهبوط إذ جعلها تحت مستوى البداية وهو ما يوحي باستعداد هؤلاء إلى الهبوط لأدنى الحضيض في سبيل وصولهم إلى مصالحهم. وهنا يتبادر للذهن سؤال، هل يمكن وضع لحن يصور المعنى أفضل من هذا الذي وضعه سيد درويش لهذه الصورة؟

لا نريد أن نطيل على القارئ أكثر فلنستمع إلى لحن الوصوليين في صورتين ، الأولى تسجيل الإذاعة المصرية وهو تسجيل غنائي، الثانية تسجيل موسيقي بعد إعادة توزيع اللحن لإظهار التراكيب الهارمونية المحتملة كما جاء في التحليل الموسيقي

لحن الوصوليين - سيد درويش 
أوركسترا الإذاعة المصرية 1958


لحن الوصوليين - سيد درويش 2011
أوركسترا الإسكندرية/ مايسترو: أسامة عفيفي

روابط:
لحن الوصوليين - تحليل موسيقي

النهضة الموسيقية - ظهور سيد درويش 
الموسيقى العربية المعاصرة - المدرسة التعبيرية
خصائص موسيقى سيد درويش
.