كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الخميس، 27 أبريل 2017

مطربة القطرين فتحية أحمد - أحب الورد

أحب الورد
غناء مطربة القطرين فتحية أحمد
كلمات محمد الحسيني - ألحان محمد عفيفي


أغنية أحب الورد تعد إحدى روائع الموسيقى العربية النادرة، وهي تمثل المدرسة الشرقية الأصيلة في التلحين والغناء. فبالإضافة إلى المقامات المعروفة مثل الراست والبياتي والحجاز أدخل الملحن مقامات قليلة الاستخدام مثل النكريز والنوا أثر كما أدخل إلى قالب الأغنية إيقاعا لم يكن يستخدم إلا في الموشحات والموسيقى البحتة. 
تم تسجيل اللحن لحساب هيئة الإذاعة البريطانية BBC بفرقة حسين جنيد بالإسكندرية في أبريل عام 1953، وهو اللحن الخامس الذي غنته من ألحان الفنان السكندري محمد عفيفي. كانت فتحية أحمد تقيم بالإسكندرية في ذلك الوقت وبدأت معه سلسلة من 7 ألحان عام 1952 كان معظمها لإذاعة القاهرة.

عثرنا على تسجيل للأغنية بمعاونة الأصدقاء في منتدى سماعي خاصة الدكتور عصمت النمر والأستاذ محمد حسان، وقد سارع كلاهما إلى إرسال التسجيل بناء على طلب مني، المفارقة أن أيا منهما لم يكن يعلم من هو ملحنها. وكنت قد وجدت في مكتبة الأستاذ عفيفي نوت موسيقية بنفس العنوان لنفس المطربة، فلما قمت بمقارنة النوت باللحن تأكد أنه نفس اللحن. كان هذا عام 2014، بعد ذلك استمعت إلى تسجيلات يتحدث فيها محمد عفيفي عن فتحية أحمد أكد فيها كل هذه المعلومات.

ويروي محمد عفيفي عن فتحية أحمد أنها كانت مطربة قديرة متمكنة وصاحبة صوت عظيم وقدرة عالية على الأداء، وأرجع هذا إلى نشأتها الفنية حيث كان والدها أحمد الحمزاوي منشدا وصاحب فرقة وكانت إحدي ثلاث أخوات كلهن مطربات، فتحية ورتيبة ومفيدة. كما أنها تربت في مدرسة سيد درويش وعملت معه وغنت ألحانه على المسرح، ولا شك أن هذا علمها الكثير. 
ويضيف عفيفي أن فتحية أحمد كانت مطربة "تهلهل" الألحان .. ولما سئل عما يقصده بهذا التعبير قال إنها كانت تحب التصرف في الألحان بطريقتها وعلى هواها بعكس أم كلثوم التي كانت تلتزم تماما باللحن كما وضعه الملحن 
اللحن والموسيقى
أهم ما يميز "أحب الورد" هو تنوع مقاماتها وإيقاعاتها، وتضم باقة من المقامات والإيقاعات المتنوعة وكأنها باقة زهور أو "صحبة ورد" لكل منها لون وعطر مختلف

تنوع المقامات
1. المقام الرئيسي "راست" وفروعه "نيروز" و "سوزناك" و الأجناس المرتبطة به في مجموعة متتالية هي بياتي النوا ، صبا النوا، حجاز النوا
2. مقامات موازية للراست ترتكز على نفس درجة الركوز وهي "نوا أثر" و "نكريز".
3. مقام الشوري المكون من نفس نغمات وأبعاد مقام السوزناك ولكن مع الركوز على الدرجة الثانية "دوكاه" بدل الأولى

استخدام المقامات
راست في المقدمة
راست سوزناك في المذهب
بياتي النوا / صبا النوا / حجاز النوا في غناء الكوبليه الأول
نوا أثر في موسيقى الكوبليه الثاني
حجاز النوا في غناء الكوبليه الثاني
نكريز في موسيقى وغناء الكوبليه الثالث
حجاز النوا والشوري في غناء الكوبليه الثالث
شوري في فاصل الموسيقى الحرة والموال داخل الكوبليه الثالث

تنوع الإيقاعات
1. إيقاع ثنائي في الموسيقى
2. إيقاع رباعي في الغناء
3. سماعي ثقيل 8/10 في موسيقى وغناء الكوبليه الثاني
4. موسيقى حرة وموال حر في الكوبليه الثالث
المقدمة
مقدمة موسيقية واضحة المعالم من مقام الراست على إيقاع ثنائي، تركز المقام وتمهد للغناء بإيقاع متباطيء قرب نهايتها
المذهب
من المقام الرئيسي
جمل متصاعدة شطرة شطرة تبدأ في أساس مقام الراست وتتفرع إلى الراست سوزناك بالتحول إلى جنس حجاز النوا حتى تبلغ قمته ثم تعود إلى الأساس في الختام. عند إعادة المذهب في نهاية الكوبليه الثاني يستخدم لحن الشطرة الأخيرة فقط (أغني في هواه تاني)

الكوبليه الأول
1. الموسيقى: فاصل موسيقي يستخدم لحن المقدمة مع إضافة جمل تمهد للغناء تتفرع من خامسة مقام الراست إلى بياتي النوا (نيروز)
2. الغناء
الحركة الأولى بياتي نوا تستغرق بيتين مع استخدام صبا النوا لشطرة واحدة في البيت الثاني
الحركة الثانية حجاز النوا تستغرق البيتين التاليين مع لمس مقام النوا أثر في ختام الحركة

الكوبليه الثاني
1. الموسيقى: فاصل موسيقي مقام نوا أثر بإيقاع 8/10 (سماعي ثقيل) يمهد للغناء بدون عودة للمذهب
2. الغناء
الحركة الأولى حجاز النوا على نفس الإيقاع تبدأ مع "تشوف العين جمال الورد .."
الحركة الثانية عودة لمقام الراست وإيقاع الوحدة الكبيرة في البيت الأخير تمهيدا للختام بالشطرة الأخيرة من المذهب (راست سوزناك)

الكوبليه الثالث
1. الموسيقى: فاصل موسيقي من مقام النكريز على إيقاع ثنائي
2. الغناء
الحركة الأولى مقام نكريز وتستمر لبيتين
الحركة الثانية يتغير الغناء إلى حجاز النوا في البيت الثالث
الحركة الثالثة مقام شوري

فاصل موسيقي حر من نفس المقام
غناء حر فيما يشبه الموال على نفس المقام في المقطع "لقيت الورد يشبه لك"، تضفي عليه الموسيقى الحرة حالة من الشفافية الحالمة والاستغراق في التأمل . يصل الغناء إلى درجة الكردان أي قمة سلم السوزناك الذي يمكن منه ختام الأغنية بالعودة إلى المذهب
في هذا المقطع بالذات، بالإضافة خاصة إلى المقطع الغنائي على ميزان السماعي الثقيل في الكوبليه الثاني، تظهر أكثر قدرات المطربة وتمكنها من المقام والمنطقة الصوتية. تحليل موسيقي د.أسامة عفيفي، أحب الورد، مطربة القطرين فتحية أحمد 
روابط 
يا حلاوة الدنيا - فتحية أحمد - زكريا أحمد  
الصفصافة - فتحية أحمد - رياض السنباطي  

فتحية أحمد - محمد القصبجي - يا ترى نسي ليه  

الأربعاء، 26 أبريل 2017

مطربة القطرين فتحية أحمد - يا ترى نسي ليه

يا ترى نسي ليه
غناء فتحية أحمد
كلمات محمد الحسيني
ألحان محمد القصبجي
فالس نهاوند 
أغنية فتحية أحمد "يا ترى نسي ليه" من أرق ألحان محمد القصبجي وإحدى كنوز التراث الغنائي العربي، وهي من مقام النهاوند (ري مينير) ويسودها إيقاع الفالس الثلاثي، وتتكون من مقدمة ومذهب و2 كوبليه
تحليل موسيقي / د.أسامة عفيفي
المقدمة
يبدأ اللحن بمقدمة رشيقة على إيقاع الفالس تستمر في أكثر من موقع بالأغنية كلحن مميز، ولا ينسى القصبجي إضافة حليته المفضلة التي ابتكرها خصيصا لمقام النهاوند إلى المقدمة وهي خفض الدرجة الثانية نصف درجة قبل النهاية. وتأتي أهمية موسيقى المقدمة في هذا اللحن، على قصرها، في كونها الموسيقى الوحيدة في الأغنية غير المصحوبة بالغناء بالإضافة إلى استخدامها كلحن للمذهب وفاصل بين الكوبليهات، وبهذا أصبحت محور العمل كله 
اللحن والغناء 
المذهب 
يستهل الغناء بالمذهب على نفس موسيقى المقدمة وهو أسلوب قليل الاستخدام في الألحان العربية المعتمدة أساسا على الميلودي الغنائي، ورغم الإيقاع الثلاثي يشعر المستمع بطرب هائل في اللحن المقيد تماما بإيقاعه،والطرب هنا طرب تعبيري إن جاز الوصف قصد به الملحن التعبير عن رقة الموقف أكثر منه صياغة لجمل طربية

الكوبليه الأول 
يحتفظ اللحن بموسيقى المقدمة من مقام النهاوند كموسيقى تمهيدية للكوبليه الاول لكن لحن الغناء يأتي مخالفا ومفاجئا لعنصري الموسيقى الأساسيين، المقام والإيقاع، فالغناء يدخلنا مباشرة في مقام الراست (نيروز) ودون أي أشارة سابقة ، كما يتغير الإيقاع من الثلاثي إلى الرباعي مع بداية الغناء
يعود الغناء لمقام النهاوند في إيقاع ثنائي (ملفوف) ثم يتوقف في ختام الكوبليه تمهيدا لاستعادة الفالس ومن ثم موسيقى المقدمة مرة أخرى بين الكوبليه الأول والثاني مع إعادة المذهب 

الكوبليه الثاني 
يأتي لحن الكوبليه الثاني أكثر منطقية لاستمراره على نفس المقام ونفس الإيقاع، ويؤكد الاستغراق في مقام النهاوند الرقيق الجو العاطفي الذي توحي به الكلمات 
يمضي اللحن في الكوبليه الثاني بعكس اتجاهه في الكوبليه الأول فيبدأ بالفالس ثم الثنائي الملفوف والرباعي ويأتي ختام اللحن بجملة ختامية حرة تنتهي على الدرجة الخامسة للنهاوند (كورد الحسيني) دون العودة للمذهب أو الإيقاع الثلاثي

آثار من الفن القديم
1. يقدم القصبجي مفاجأة مدهشة بإعادة غناء المقطع "فين نور العين" فيما يشبه الموال الموقع ولكن هنا على إيقاع ثلاثي، ورغم قدم قالب الموال يبدو هذا جديدا على الموسيقى العربية التي تغنى مواويلها الموقعة عادة على إيقاع رباعي 

2. هناك ملاحظة هامة في الكوبليه الثاني وهي استخدام التنويع والتلوين بغزارة في المقطع "فين نور العين .. فاتني وراح فين"، واستغرق هذا 3.25 دقيقة في هذا التسجيل في غناء بيت واحد، أي نحو ربع زمن الأغنية، بما في ذلك مقطع الموال. يشبه هذا أسلوب الأدوار القديم ولكن مع فارقين على طريق التحديث هما إحكام اللحن بالإيقاع الثلاثي والجمل اللحنية المستحدثة

وتفسير ذلك أنه ربما أراد الملحن بإدخال الموال منح المطربة فرصة لاستعراض صوتها وقدراتها، حيث أن الإيقاع السائد هندسي التكوين بطبيعته ولا يسمح للمغني بحرية كبيرة في الأداء. والواقع أن تلحين القصبجي لفتحية أحمد اعتراف كبير بقدرتها وهو أستاذ الكبار ومعلمهم وهو الذي "لا يعجبه العجب" في الأصوات فلم يلحن إلا لأصوات محدودة 

3. المسألة المحيرة هي لماذا قرر الاثنان، المطربة والملحن، الغناء من الطبقة الأعلى لمقام النهاوند (ري مينير) بدلا من النهاوند الأصلي (دو مينير) مع صعوبة الأداء في السلم الأعلى (منطقة الجوابات) حتى جواب الجهاركاه (فا العليا) في أداء الموال، بينما كان يمكن الأخذ بالأسهل بأداء اللحن في مقام النهاوند الأصلي بدون أي تغيير في بنية اللحن؟ 
يبدو أن السر عند الجمهور الذي يهوى استعراض الصوت في المناطق العليا، وتبقى المسألة علاقة خاصة بين صاحب الصوت وجمهوره وقرار المغني قبل الملحن. لكن هذه العلاقة في حد ذاتها أثر من الفن القديم قبل عصر الميكروفون، بدليل اختفائها مع الأصوات الجديدة وشيوع خفض الطبقة كأداة مساعدة للأصوات، وقد تنبه لها مبكرا محمد عبد الوهاب وكان هو الملحن والمطرب معا، أما مع أم كلثوم فقد تعدى الأمر خفض طبقة المقام درجة واحدة حتى وصل إلى درجتين ونصف

إيقاع اللحن وإيقاع النص
تبقى ملاحظة هى اختيار إيقاع الفالس ليكون عنوان الأغنية وإيقاعها السائد. لو نظرنا إلى وقع الكلمات نجدها تسير في وزن رباعي من أولها لآخرها، فمن أين أتي الملحن بهذا الإيقاع الثلاثي ولماذا؟
هنا يأتي دور خيال الملحن وقراءته الفنية للنص والوزن الشعري والقوافي، فقد رأى أن مد الحروف المتحركة (حروف المد) كالألف والياء والألف المقصورة والواو في مواقعها الطبيعية يظهر الألفاظ أكثر وضوحا وتعبيرا من القراءة الخاطفة على الوزن الرباعي، وهو بذلك لم يكسر وزن الكلمات ولم يطلها في غير انسجام مع الوزن. ومع ذلك في الأبيات التي استخدم فيها الإيقاع الرباعي أو الثنائي يكون قد عاد لوزن النص الأصلي 
والحقيقة أن اختياره كان موفقا للغاية وإلى درجة أن يجعل المستمع يفضل العودة للإيقاع الثلاثي غير الموجود في النص أصلا لكنه ينجح في إضفاء انسيابية خلابة لم يقصدها الشاعر ولم يفكر فيها. أفكار مبدعة مثل هذه وغيرها هي التي تمنح الملحن الصفات التي يكتشفها فيه النقاد والفنانون ولو بعد عشرات السنين، وقد أشرت إلى أفكار مشابهة في وصف لحن القصبجي الشهير قلبي دليلي بصوت ليلى مراد. لعل في هذا إجابة كافية لمن يتساءل لماذا يوصف ملحن ما بالريادة أو العبقرية دون غيره. د.أسامة عفيفي، مطربة القطرين فتحية أحمد، يا ترى نسي ليه، ألحان محمد القصبجي 
روابط 
فالس القصبجي - قلبي دليلي  
يا حلاوة الدنيا - فتحية أحمد - زكريا أحمد
الصفصافة - فتحية أحمد - رياض السنباطي
أحب الورد - فتحية أحمد - محمد عفيفي 

يا ترى نسي ليه ميعادي وغاب
حيرانة عليه والحيرة عذاب
ايه اللي جرى يا ترى يا ترى
مستنياه أسهر وياه
وما فيش قلب حنين بعده
وأديني على نار والفكر مرار
ليه غاب عني وليه نسي وعده

مين شغله وشغل باله عني غير أحواله
سهران مع مين يا ترى
بيسامر مين يا ترى
بيكلم مين يا ترى
ايه اللي جرى يا ترى يا ترى

فين نور العين
فاتني وراح فين
ما تقول لي يا قلبي وطمني
في الوحدة قاسيت أفكار ويا ريت
يرجع لي ويكدب ظني
يا عيونه الحلوة تعالي
شوفي حيرتي عليه شوفي حالي

مين شغله وشغل باله عني غير أحواله
سهران مع مين يا ترى
بيسامر مين يا ترى بيكلم مين يا ترى
ايه اللي جرى يا ترى يا ترى

الثلاثاء، 25 أبريل 2017

مطربة القطرين فتحية أحمد - الصفصافة

الصفصافة
غناء مطربة القطرين فتحية أحمد
كلمات علي محمود طه
ألحان رياض السنباطي - مقام راست

ذكرت في موقع آخر أن من يستمع إلى فتحية أحمد يدرك على الفور أننا لم يكن لدينا أم كلثوم واحدة .. لنستمع إلى مطربة القطرين في هذه التحفة السنباطية من كلمات الشاعر علي محمود طه ونضيف إلى مكتبتنا روائع جديدة بعد أن امتلأت بروائع أم كلثوم
رغم صعوبة لحن الصفصافة في عدة مقاطع يشعر المستمع بأنه أمام مطربة قديرة لديها طاقة فنية كبيرة تمكنها من أداء ما هو أدق وأصعب، وهنا يظهر أن دور الملحن لا يقتصر على إبداع اللحن بل لا بد له من استكشاف قدرات المطرب وجماليات أدائه حتى تكتمل اللوحة الفنية 
في هذا اللحن يستخدم رياض السنباطي نفس الأسلوب الرصين الذي اتبعه في تلحين قصائد أم كلثوم الكبرى في الأربعينات، وهي تشترك في المقام (راست) مع ثلاثة منها هي ولد الهدى، سلوا قلبي (أحمد شوقي)، ورباعيات الخيام (عمر الخيام / أحمد رامي). بالإضافة للمقام تشترك الصفصافة مع رباعيات الخيام في الوزن والقافية " لبست ثوب العيش لم أستشر" لكن يظهر من التسجيل وأداء الفرقة أن اللحن تم تسجيله في الخمسينات وليس في الأربعينات
وشاعر الصفصافة علي محمود طه من أكبر الشعراء وهو صاحب ثلاثة من القصائد الكبرى لمحمد عبد الوهاب (الجندول، كليوباترا، فلسطين) إلا أن موضوع الصفصافة لا يقارن بالموضوعات الكبرى التي طرقتها قصائد شوقي وعمر الخيام وكان لها نصيب كبير في انتشار الألحان بل وفي تعزيز مكانة السنباطي وأم كلثوم لدى جماهير كبيرة في المنطقة العربية، بدليل التشابه الكبير في ألحان قصائد رياض لأم كلثوم.
رياض السنباطي
ويمكن أن نكتشف هنا مفارقة فنية تستحق الدراسة .. فبينما ساعدت الكلمات رياض وأم كلثوم كثيرا اعتمد منافسهما الأول في تلحين القصائد، محمد عبد الوهاب، على اللحن كأساس رئيسي لأعماله. وبعبارة أخرى كان رياض وأم كلثوم يقدمان كلمات ترتدي ألحانا بينما كان عبد الوهاب يقدم ألحانا ترتدي كلمات. بهذا يمكننا أن نتخيل لو أن قصائد أم كلثوم غنتها فتحية أحمد ربما كانت قد حققت بها نفس شهرة أم كلثوم واتسع لقبها من مطربة القطرين إلى مطربة العرب أو حتى "كوكب الشرق". 

هناك ملاحظة هامة فيما يتعلق بأسلوب الغناء، يبدو واضحا أن من استمع إلى أم كلثوم ولم يستمع إلى فتحية أحمد قد يعتقد أن المغني هنا أم كلثوم. والحقيقة أن الأمر يبدو هكذا بالفعل في ألحان كثيرة، فبالإضافة إلى تقارب خامة الصوت ومداه بين المطربتين الكبيرتين هناك تقارب في أسلوب الأداء بالنطق والتعبير ودقة التعامل مع اللغة والمقامات الموسيقية والنغمات والتحولات والقفلات، وبتمكن تام لكل منهما .. وفي هذا فهما مطربتان متفردتان لم تجتمع قدراتهما لغيرهما في تاريخ الغناء العربي الحديث

الصفصافة*
إذا داعب الماء ظلّ الشّجر  وغازلت السحب ضوء القمر
وردّدت الطير أنغامها           خوافق بين النّدى والزّهر
وناحت مطوقة بالهوى       تناجي الهديل وتشكو القدر
ومرّ على النهر ثغر النّسيم           يقبّل كل شراع عبر
وأطلعت الأرض من ليلها         مفاتن مختلفات الصور

هنالك صفصافة في الدّجى        كأنّ الظّلام بها ما شعر
أخذت مكاني في ظلّها            وحيد الفؤاد شريد النّظر
أمرّ بعيني خلال السّماء        وأطرق مستغرقا في الفكر
أطالع وجهك تحت النّخيل       وأسمع صوتك عند النّهر
إلى أن تملّ الربى وحدتي      وتشفق منّي نجوم السّحر
فأمضي لكوخي مستشرقا      لقاءك في الموعد المنتظر