كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الأحد، 28 يناير 2018

كلاسيكيات أم كلثوم - السنباطي - ثورة الشك

ثورة الشك
غناء أم كلثوم
كلمات عبد الله الفيصل - الحان رياض السنباطي
مقام حجازكار كورد 1960
بدايةً .. هذه الكلمات تعبر عن موقف درامي مؤلم أكثر مما يمكن أن تحمله من الشاعرية والتعبير عن مشاعر الحب والعاطفة التي يود الناس سماعها وترديدها ومعايشة صورها. القصد أن موقفا كموقف "الشك" يمكن أن يعبر عنه بصورة أفضل إذا جاء في مشهد من رواية درامية وليس في أغنية مستقلة

فالحديث الصريح عن الشك والخيانة بمفرداتها الصادمة ليس من سمات الأعمال الغنائية، لكنه مقبول وجائز تماما في المسرحيات الشعرية التي قد تتضمن مواقف أخرى في أحداثها تجعل هذا الموقف أحد المشاهد وليس كل المشهد. 

بهذا التصور سيختلف اللحن المسرحي تماما عن اللحن التقليدي الذي سارت عليه هذه القصيدة، وسيكشف اللحن المسرحي كيف يعجز اللحن الطربي التقليدي عن التعبير عن مثل هذه المواقف الدرامية 

وليس هذا وجه العجز الوحيد، فهذا الاتجاه يعكس اقتصار الموسيقى العربية لسنوات طويلة على شكل واحد من أشكال الموسيقى والألحان هو "الأغنية" .. وتوارى الأوبريت والمسرح الغنائي الذي أجهزت عليه صناعة السينما والتي رغم احتكارها تقريبا صناعة الموسيقى قدمت معظم ألحانها كأغنيات فردية لنجوم الغناء

هناك مثال آخر للمواقف الصادمة في القصائد جاء في قصيدة كامل الشناوي "لا تكذبي" التي غناها كل من عبد الوهاب وعبد الحليم ونجاة الصغيرة، وينطبق عليها نفس الكلام. فهي تقول
"لا تكذبي .. إني رأيتكما.. إني سمعتكما..
عيناك فى عينيه.. فى شفتيه.. فى كفيه.. فى قدميه .. يداك ضارعتان.. ترتعشان من لهف عليه
تتحديان الشوق بالقبلات تلذعني بسوط من لهيب .. بالهمس، بالآهات، بالنظرات، باللفتات، بالصمت الرهيب"

وأيضا في قصيدة "حبيبها" لنفس الشاعر "كامل الشناوي" التي غناها عبد الحليم من ألحان محمد الموجي يقول
"حبيبها لست وحدك حبيبها ..
حبيبها أنا قبلك .. وربما جئت بعدك .. وربما كنت مثلك
فلم تزل تلقاني .. وتستبيح خداعي"

النتيجة في هذه الأحوال أن المحتوى الفني يجد قبوله لدى الجماهير من زاوية لحنية بحتة بحيث يتسيد اللحن الموقف. والملحن في هذه الأحوال يلجأ إلى استخدام الموسيقى والطرب على حساب التعبير، بمعنى أن اللحن سيحتفظ بجماله حتى لو أبدلنا كلمات القصيدة بكلمات أخرى مغايرة، وسيجد نفس الإقبال من الجمهور دون فرق يذكر.. 
وهذه هي الطريقة القديمة في تلحين القصائد والتلحين عموما، والتي جاوزها الزمن بالتطور بدءا من أوائل القرن العشرين حين أصبحت المدرسة التعبيرية الحديثة هي الطريق والمعيار والهدف على يد الفنان الخالد سيد درويش الذي غذى المسرح الغنائي بكافة ألوان التعبير وسار على طريقه من جاء بعده بمن فيهم السنباطي

أهو خطأ في الاختيار؟ نعم بالتأكيد ما دام القصد تقديم أغنية تقليدية مفردة لمطرب فرد، وليس كجزء من عمل درامي كبير، ويتأكد هذا إذا علمنا أن هذه الأشعار قد تم اختيارها بالفعل من جانب المطربة أو المطربة وليس من جانب الملحن
لهذه الأسباب تفشل هذه الأعمال في الصمود أمام اختبار الزمن في ذاكرة الجماهير، رغم تلقيها دعما وإلحاحا إعلاميا كبيرا، ولا يتبقى منها سوى بعض جمل موسيقية .. وحتى هذه قد لا تعيش إلا في ذاكرة الموسيقيين بمعزل عن الجمهور.

إلى هنا لم نتحدث عن تفاصيل موسيقية كالمعتاد، لكن هناك عدة نقاط لافتة للانتباه
1. فقرة موسيقية تصاحب البيت قبل الأخير "تعذب في لهيب الشك روحي" من مقام العجم المصور، تكاد تكون نسخة من موسيقى لحن عبد الوهاب "كان أجمل يوم"، وكلاهما مأخوذ من مقطوعة كلاسيكية شهيرة بعنوان celebrated minuet للموسيقار الإيطالي لويجي بوكيريني 

2. ربما حاول السنباطي تدارك الأمر قرب نهاية اللحن فعمد إلى وضع لحن شبه درامي يعبر عن "ثورة الشك"، بعد ألمه وحسرته، فجاء لحن البيت الأخير "أجبني إذ سألتك هل صحيح حديث الناس خنت.. ألم تخني؟" معبرا، أخيرا، عن الموقف الدرامي الحزين، وأتبعه بلحن ثائر متصاعد على نفس كلمات البيت الأول "أكاد أشك في نفسي .."، لكنه في النهاية يختم بالطرب مرة أخرى

3. أن الجمهور يظهر تجاوبه مع غناء أم كلثوم في مقاطع الطرب، بينما يصمت تماما في المقطع التعبيري الوحيد في البيت الأخير. وهذا ما يؤكد أن الطرب كان هدف العمل والجمهور معا، كما يؤكد أن التعبير كهدف ووسيلة، لا يبحث عن التصفيق والصفير وآهات الإعجاب وإنما يهتم بتوصيل الإحساس والمعنى بالدرجة الأولى. عرض ونقد د.أسامة عفيفي، كلاسيكيات أم كلثوم - السنباطي، ثورة الشك 

أكاد أشك في نفسي                   أكاد أشك فيك وأنت مني
يقول الناس إنك خنت عهدي    ولم تحفظ هواي ولم تصني
وأنت مناي أجمعها مشت بي    إليك خطى الشباب المطمئن

يكذب فيك كل الناس قلبي        وتسمع فيك كل الناس أذني
وكم طافت علي ظلال شك       أقضت مضجعي واستعبدتني

كأني طاف بي ركب الليالي       يحدث عنك في الدنيا وعني
على أني أغالط فيك سمعي      وتبصر فيك غير الشك عيني
وما أنا بالمصدق فيك قولا          ولكني شقيت بحسن ظني

وبي مما يساورني كثير          من الشجن المؤرق لاتدعني
تعذب في لهيب الشك روحي        وتشقي بالظنون وبالتمني
أجبني إذ سألتك هل صحيح    حديث الناس خنت.. ألم تخني؟
روابط
كلاسيكيات أم كلثوم - السنباطي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق