كلاسيكيات الموسيقى العربية * أرشيف * استماع *  تحميل *  نقد فنى *  تحليل موسيقى* أفلام * صور *  تسجيلات * كلاسيكيات الموسيقى العربية
كلاسيكيات الموسيقى العربية * الخمسة الكبار * سيد درويش * محمد القصبجى * زكريا أحمد * محمد عبد الوهاب * رياض السنباطى * نجوم الغناء العربى * أم كلثوم * عبد الوهاب * فيروز * عبد الحليم * ألحان التراث * موشحات * قصائد * أدوار * كلاسيكيات الموسيقى العربية

الجمعة، 4 سبتمبر 2015

قصائد عبد الوهاب - الصبا والجمال

الصبا والجمال
كلمات بشارة الخوري
ألحان وغناء محمد عبد الوهاب 
مقام كورد حسيني
فيلم يوم سعيد 1940
الصبا والجمال لحن غير عادي من ألحان عبد الوهاب، فهو يقدم نموذجا يندر وجوده، ليس فقط في ألحانه بل في الموسيقى العربية عامة. وهو علامة فارقة في أسلوب التلحين وتلحين القصائد بصفة خاصة. كما أنه إشارة إلى طريق جديد تمكن منه عبد الوهاب يجمع بين الأسلوبين الغربي والشرقي، يتلخص في البدء بنموذج موسيقي غربي الطابع يتلوه نقلة شرقية بحتة بطريقة غير متوقعة. نجد هذا النموذج في ألحان مثل "إيه انكتب لي" و "يا مسافر وحدك" و"ماكانش ع البال". لاقى هذا الأسلوب نجاحا كبيرا وأحبه الجمهور كثيرا لأنه وجد فيه الحداثة والطرب معا وفي نفس العمل.

قبل هذا استعان عبد الوهاب بالإيقاعات الغربية في تلحين نماذج مثل "جفنه علم الغزل" و"سهرت" و "عندما يأتي المساء" دون الدخول مباشرة في وضع لحن غربي الطابع. امتد استخدام عبد الوهاب لهذا النموذج مع تطويره حتى بلغ أوجه في الخمسينات كما يظهر في "عاشق الروح" و"لأ مش أنا اللي ابكي".

الفرق يظهر كبيرا بين ألحان عبد الوهاب "القديم"، في العشرينات وأوائل الثلاثينات وقد سار في طريق التطوير المستمر خاصة في الأربعينات والخمسينات، مشتقا أساليب الموسيقى الغربية مع تجديد اللحن العربي والخروج به من القولبة الجامدة والجمل التقليدية. غير أنه في طريق تلحين القصائد الكبرى رأى أن يسبغ عليها جوا شرقيا خالصا لما احتوته موضوعاتها من معاني وصور عربية الشكل والمضمون مثل مجنون ليلى، قالت، دمشق، فلسطين، النهر الخالد، أو شرقية الطابع والهوى مثل الجندول، الكرنك، وكليوباترا

يلاحظ أن الكلمات الأصلية قد جرى تغييرها من قبل الملحن في البيت الأخير
تقول الكلمات الأصلية
رَفَعُوا مِنْكِ للجَمَالِ إلهاً .. وَانْحَنَوْا سُجّداً عَلَى قَدَمَيْكِ
اعترض عبد الوهاب على التعبيرين "إلهاً "، و "سُجّداً " حيث وجد فيهما مسحة وثنية لا ضرورة لها، فأبدلهما بكلمتي "مثالاً " و"خُشّعاً "
وتم تغيير البيت إلى
رَفَعُوا مِنْكِ للجَمَالِ مثالاً .. وَانْحَنَوْا خُشّعاً عَلَى قَدَمَيْكِ 

لحن الصبا والجمال
1. المقام الموسيقي
مقام اللحن الأساسي مقام كورد الحسيني، وهو مقام كورد مصور على درجة الحسيني "لا" بدلا من درجة الدوكاه "ري" في الكورد الطبيعي. ، وبهذا تنخفض طبقة المقام الصوتية درجتين ونصف عن طبقة المقام الطبيعي. تظهر فائدة هذا التصوير في الغناء حيث بدون نقل المقام إلى درجة أدنى يصل صوت المغني إلى درجة جواب النوا صعبة المنال في أعلى السلم الطبيعي، وفي حالة التصوير ستعادلها درجة المحير أو جواب الدوكاه "ري" وهي درجة يسهل الوصل إليها والتحكم فيها.
تحديد المقام الأساسي وطبقته مهمة أساسية في عمل الملحن، وهنا يظهر كيف أن واضع اللحن إما أنه قد رآه كله قبل أن يكتمل فقرر خفض المقام، أو أنه بدأه على المقام الطبيعي ثم اضطر لخفضه في النهاية، لكن النتيجة واحدة أيا كانت البداية
2. المقدمة
سولو بيانو مقام كورد الحسيني
مقدمة هذا اللحن فقط تكفي لاعتباره لحنا متفردا ومتقدما بالموسيقى العربية إلى أفق جديد، رغم أنها غاية في البساطة وتم أداؤها على آلة واحدة فقط هي البيانو. لم يسبق أن تغنى مطرب عربي بمصاحبة البيانو فقط. وقد يقول قائل إن البيانو كغيره من الآلات يمكنها أداء آلات التخت الشرقي ولا جديد في مصاحبته للغناء. لكن الحقيقة أن الآلات الأخرى لا يمكنها أداء ما نسمعه من البيانو الذي يتمتع بإمكانيات خاصة منها العزف على الجانبين الأيمن والأيسر بنغم مختلف، إصدار أكثر من نغمة توافقية في وقات واحد بضربة واحدة أو ما يسمى "الأكورد"، وإمكانية تأكيد كل درجة من درجات المقام بعزف الدرجات الأساسية (أربيج) لسلم خاص يعبر عنها بدلا من المصاحبة بنفس لحن الغناء.
3. الغناء والفواصل الموسيقية
· بداية الغناء حرعلى نفس المقام لكنه يختتم السلم بمقام البياتي (الفرق بينهما ربع تون فقط) مع عبارة "نصب الحسن"
لماذا ينهي عبد الوهاب غناء المقطع بهذا التغيير في المقام؟ إنها شرقية المقام الذي لا يوجد مثيل له في الموسيقى الغربية، وعبد الوهاب مهما قيل عنه شرقي أصيل، يدرك تماما أنه يغني شعرا عربيا وتسمعه آذان عربية ويخاطب وجدانا عربيا.
البصمة الشرقية تفرض نفسها هنا حتى مع آلة غربية وتكنيك أداء غربي وتآلفات هارمونية غربية، لكنها تفرض بصوت المغني فقط ودون أية مصاحبة آلية، ويصمت البيانو تماما عندما يلمس صوت عبد الوهاب الربع تون الشرقي ليس فقط لأن نغمته غير موجودة أصلا على مفاتيحه ولكن لسبب آخر أوجه.
لا يفكر الملحن هنا في إضافة آلة أخرى شرقية تستطيع أداء المقام الشرقي لتصاحب الغناء لأن فلسفة المقطع كله تقوم على تكنيك لا يعتمد على المصاحبة المثلية للغناء، وإنما على المصاحبة الهارمونية المتوافقة بأنغام أخرى، وإذا تم استخدام آلة شرقية هنا ستهدر قيمة المصاحبة الهارمونية تماما ويعود الأسلوب إلى الطريقة الشرقية التقليدية التي نسمع فيها جميع الأصوات بما فيها صوت المغني تؤدي نفس الأنغام.
· لازمة نهاوند على جواب ركوز الكورد تمهيد لمقطع غائي جديد مقام نهاوند
· مقطع موسيقي مميز من مقام حجازكار على ركوز الكورد تمهيدا للمقطع الغنائي التالي مقام حجازكار بداية من "سكر الروض" مع تحول مقامي غنائي إلى مقام الراست على رابعة المقام. يمكن سماع صدى هذا المقطع مقتبسا في لحن فيروز الشهير "وينن" حيث تم اقتباس النصف الأخير منه تقريبا كما هو.
· عودة إلى البياتي بتمهيد موسيقي قصير في جواب المقام مصحوبا بالإيقاع لأول مرة في اللحن بداية من "قتل الورد نفسه"
· عودة إلى المقام الأصلي، الكورد، بنفس سولو البيانو في المقدمة مع توقف الإيقاع
· عودة إلى الغناء الحر من مقام الكورد في آخر بيتين في مقام الكورد مختتما بالبياتي كما كان في بداية الغناء تأكيد سولو البيانو بالأوركسترا الكامل ثم الختام بالبيانو فقط في استعادة لنفس الجو الذي بدأ به اللحن، د.أسامة عفيفي، قصائد عبد الوهاب، الصبا والجمال.
4. التعبيــر
· يمثل هدوء اللحن ورومانسيته قيمة جمالية كبيرة تضيف إلى الشعر، وكذلك مقام الكورد الرقيق الذي اختاره الملحن، ثم التعبير عن كل ذلك بآلة البيانو المعروفة بانسجامها مع هذه الأجواء
· أضفى مقام الحجازكار قبل وبعد البيت "ما تغنى الغزار .." بعدا نفسيا وتأثيرا وجدانيا أعمق خاصة مع الحركات السريعة المتوالية دون إيقاع في نسج تعبيري خالص وكأنه موسيقى تصويرية وليس لحنا غنائيا
· الإقلال من استخدام الإيقاع حافظ على وتيرة اللحن الهادئة والتي اشتهر بها رغم صدح الطرب في المقطع الإيقاعي
· الختام بنفس الروح التأملية التي بدأ بها اللحن أكد مغزى القصيدة كلها 

الصبا والجمال
الصِّبَا وَالجَمَالُ مُـلْكُ يَدَيْكِ .. أيُّ تَاجٍ أعَـزُّ مِـنْ تَاجَيْكِ
نَصَبَ الحُسْـنُ عَرْشَـهُ فَسَـألنَا .. مَنْ تُـرَاهَا لـَهُ، فَـدَلَّ عَلَيْكِ
فَاسْكُبِي روحَكِ الحَنونَ عَلَيْهِ .. كَانْسِـكَابِ السَمَاءِ فِي عَيْنَيْكِ
كُلَّمَا نَافَـسَ الصِّبَا بِجَمَالٍ .. عَبْقَـريِّ السَّـنَا نَمَّـاهُ إلَيْكِ
مَا تَغَنّى الغزارُ إلاّ لِيُلْقِي .. زَفرَاتِ الغَرَامِ فِي أُذُنَيْكِ
سَكِرَ الرَّوضُ سَكْرَةً صَرَعَتْهُ .. عِنْدَ مَجْرَى العَبِير مِنْ نَهـْدَيْكِ
قَتَلَ الوَرْدُ نَفْسَـهُ حَسَداً مِنْكِ .. وَألْقَى دِمَـاهُ فِـي وَجْنَتَيْكِ
وَالفَرَاشَـاتُ مَلَّتِ الـزَّهر لَمَّا .. حَدَّثَتْـهَا الأنْسَامُ عَنْ شَـفَتَيْكِ 
رَفَعُوا مِنْكِ للجَمَالِ مثالا .. وَانْحَنَوْا خشعا عَلَى قَدَمَيْكِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق